القدر الذي تدركه صباح كلّ يوم، القدر الذي ينقش منذ أوَّل رفّةِ عينٍ لك حتّى ينتهي الإيمان بك، دربك الذي يكون موصولاً بيقينك، ببحرِ رضاك، وبصلواتك التي لا تأفل ولا تنقطع!
هو خطوات سيرك الذي تنصت له حين يلهو ويغني الآخرون، هو بطولة نفسك حين تواصل إنجازكَ العظيم، ثم تواصل الأحزان عليك .. تلف وتلف، والحياة البائسة مكدّسة بينَ عينيك، والدّموع التي تكاثرت حولك!
هو البطولة حين تبغي الوفاق دائمًا قاصدًا سبيل العون لسفر هذه الحياة، لسفر البر والتقوى، ولسفر مجد نفسك والجهاد.
ثم يعلو صوتك وتفخر بكل ما أوتيت:
"هُوَ الصاحب لهذا الدّرب الطويل".
وأنتَ تعبُّ الهواء، تدرك كم فطمت عن محرابك طوال أيامك، وكم تشتاق بأن تلقى فيه عناية ربّانيَّة!
إن كنّتَ لا تستعين به أبدًا منذ يبدأ يومك حتى ينتهي بِكَ الحال إلى التعب والضعف، ولا تقتبسُ من نوره، ولا حتى تسأله القوّة .. اللطف .. الرَّحمة من لدنه؛ كي توهبَ رسائل ربانيّة، آيات عَبر البشر، كي يسدل عنك ستار هذا الكدر المقدّر! لخارَ مقصدك وأضاعَ جهادك جلَّ الأماني.
الطريق الذي يكون خاليًا من النّور يشبه ساحة حربٍ ماكرة، تمردك في طرف وأنتَ في طرفٍ آخر، الطريق الوعر الذي تشقه في حياتك، تمشي فيه بحثًا عن نزفِ مأساتك، أشياء تراها ... لا يراها الآخرون لكنها تعكس لهم؛ فتبدو لهم بنظرة الشفقة: المسكين!
الدّرب الطويل الذي تستمدّ مدادهُ من النُّورِ العظيم، من غمام القرآن، الذي تغمس روحك في مغتسل بارد وشراب من ماءِ الرُّوح، ثم تعتنق وحيه وتخرج إلى الحَيَاة لزرعِ الحبّ الذي كبر وعظُم في قلبك.