الجمعة، 4 نوفمبر 2016

غربة الموت!

كُلَّما أتذكّرها ..
تنتابني غربة،
الغربة التي أشعر أنها الموت!
الغربة التي لا تعود إلى حالاتها الأولى ..
التي تستمر فتقوى وتوهن قواها..
الغربة التي يضعف غصنها يومًا بعد يوم..
عندما يلتهب الشوق الذي لا يداويه سِوى لقائِها في منامي. 
أتذكّرها ودمعي ينحدرُ على خدّي سحًا سحًا!
يرونَ دمعي..
فيتعاطفون معي
لأن البقاء والدوام لله
أو يتعاطفون معي لأنِّي أبكي.
والثانية أقسى من الأولى. 
كلما تذكرتها تنتابني قصيدة
وقصيدة أُخرى هناكَ بين قبرها، بين أوراقها الطبيّة، فستانها، صورها، وبين زواياها.
والقصيدة ما هي إلا عزاء لرُوحي وأنا أكتبها أو أتمثَّل لموسيقاها..
تنتابني بين قبضةِ يدي..
أمسكها ..
فأُصدم إذ ما هي إلا سرابٌ .. وخواءٌ شاحب. 
تنتابني على عروشها بدربِ الغياب ..
بقلبٍ يباب،
بحافيةٍ مثقلة بالوداع،
تأتي حيثُ خبأتُ لها مغتسلاً باردً وشَـرابًا.
وَهُنا لحظة قصيدة أخرى ..
قصيدة تتخلّق بينَ أصابعي..
فتتشكَّل بيتًا بعد بيت ..
كلمة بعد كلمة..
تبدأ المأساة،
ثم أختمها برعشةٍ باردَة،
دعاء ساخن أدسّه بينَ كفي،
وعناق في عتمتي.

الأحد، 4 سبتمبر 2016

سفرُ الحَيَاة

القدر الذي تدركه صباح كلّ يوم، القدر الذي ينقش  منذ أوَّل رفّةِ عينٍ لك حتّى ينتهي الإيمان بك، دربك الذي يكون موصولاً بيقينك، ببحرِ رضاك، وبصلواتك التي لا تأفل ولا تنقطع! 

هو خطوات سيرك الذي تنصت له حين يلهو ويغني الآخرون، هو بطولة نفسك حين تواصل إنجازكَ العظيم، ثم تواصل الأحزان عليك .. تلف وتلف، والحياة البائسة مكدّسة بينَ عينيك، والدّموع التي تكاثرت حولك! 

هو البطولة حين تبغي الوفاق دائمًا قاصدًا سبيل العون لسفر هذه الحياة، لسفر البر والتقوى، ولسفر مجد نفسك والجهاد.
ثم يعلو صوتك وتفخر بكل ما أوتيت:
"هُوَ الصاحب لهذا الدّرب الطويل". 

وأنتَ تعبُّ الهواء، تدرك كم فطمت عن محرابك طوال أيامك، وكم تشتاق بأن تلقى فيه عناية ربّانيَّة! 

إن كنّتَ لا تستعين به أبدًا منذ يبدأ يومك حتى ينتهي بِكَ الحال إلى التعب والضعف، ولا تقتبسُ من نوره، ولا حتى تسأله القوّة .. اللطف .. الرَّحمة من لدنه؛ كي توهبَ رسائل ربانيّة، آيات عَبر البشر، كي يسدل عنك ستار هذا الكدر المقدّر! لخارَ مقصدك وأضاعَ جهادك جلَّ الأماني. 

الطريق الذي يكون خاليًا من النّور يشبه ساحة حربٍ ماكرة، تمردك في طرف وأنتَ في طرفٍ آخر، الطريق الوعر الذي تشقه في حياتك، تمشي فيه بحثًا عن نزفِ مأساتك، أشياء تراها ... لا يراها الآخرون لكنها تعكس لهم؛ فتبدو لهم بنظرة الشفقة: المسكين!

الدّرب الطويل الذي تستمدّ مدادهُ من النُّورِ العظيم، من غمام القرآن، الذي تغمس روحك في مغتسل بارد وشراب من ماءِ الرُّوح، ثم تعتنق وحيه وتخرج إلى الحَيَاة لزرعِ الحبّ الذي كبر وعظُم في قلبك.

الأحد، 5 يونيو 2016

رمضَـان عاد.. فلنعد للهِ زُلفى.

أيَّام تقف بيننا وبينَه، وَنَحْنُ نركض إليه لاهثين بعدَ أن عبرنَا بين مستنقعات التهاون، عبورًا لا يُطاق، عبورًا شاقًا يعصرنا ونعصره، وبعدَ أن عبرنَا محراب العهد مع الله، فها نحنُ الآن جئنا نركض لمغتسلٍ باردٍ وَشَرَاب، جئنا لنخضع ولِنُلقيَ عليكَ محبًة منا ولِتُصنَعَ على أعيُنِنا. 

بيننا وبينه يومًا أو يومين، وتتناقص الساعات تنازليًا، والنبضات تتسارع، ومسؤولية المِحْراب تكبر، فكيف نستقبله؟ بأي روح؟ وبأي قلوب نصافحه؟ وكيف نعدّ له وهو أعدَّ لنا من بعد أحد عَشَرَ شهرًا، ومن بعد ما لقيت اللوم على نفسك بعد رمضان الماضي: "لئن أدركت رمضان القادم ليرين الله ما أصنع!" وها رمضان قد أقبل فماذا أنت بصانع له؟ 

رمضان شهر القرآن، لا شهر الإعلام! 
نعم رمضان هو ثغرة النُّور. إذا كان اعلامنا لا يحترم شهر القرآن، فهل نحن نحترمه؟
يقول الدكتور مصطفى محمود:
"أتمنى أن نحترم شهر القرآن.. ونعرف ماذا نشاهد، ومن تركَ شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه. 
(من يُعَظِّم شَعَائِر الله فإنّها من تَقْوَى القُلُوب) 
نحن على قناعة أن إعلامنا نزع مفردة الاحترام من قاموسه.. فهل سنتحلّى نحن باحترام شهر رمضان؟". 

فما آن لك أن تجعل أفئدتك رقيقة كأفئدة التائبين؟ أما آن أن تزهر ضلعك بالنُّور، وأن تقيم بناء الحُب بينكَ وبينه؟  أما آن أن تخشع لنفسك وتنظر إليك لا سواكَ؛ فتحاسب قلبك؟ 

بلى والله! 
آن عليّ، وآن أن أغدو ليخرج شطأي فيستغلظ فيستوي على سوقه. 

تجاهل كم قطعت من عُمرك ونسيت رمضان، لا يهم كيف كنت بل كيف تحيّ عُمرك والعهد؛ ليفيض محرابك.
تحسّس كلّ ما حولك، وكل النّور الذي يحيط بينك، ليكن بداية الطريق الذي تقطعه بروحك، البداية التي تعاهد منها البركات والتي لا تفتر ما دامت عزماتك قويّة. 

لا يأخذكَ الحماس من أول ليلة، ولا تركد فتخمد همتك، بل أشعل النّور الذي غرسته بداخلك؛ لتواصل فيقوى غصن السعد لآخرِ ليلة في رمضان ❤️.

الثلاثاء، 8 مارس 2016

وقلبي يبَاب يا أُمي.

أمّاهُ، ابنتكِ التي كانت تطرق باب غرفتك ليلاً وتقول هذا الليل مُنهِك .. اليوم تطرق باب ذكراها وتقولُ هذا القدر مُقدَّرٌ مقدَّرْ. 
أماهُ، ابنتكِ التي كانت تأتيكِ صبَّة بحكاية وألف قصيدة فتُطلقي صيحةَ إعجاب بألف تحيّة فيقوى غُصن السعد فيها .. اليوم تأتيكِ بألفِ دمعةٍ وحِكاية؛ فيَهِن زهر النبتة الأولىٰ بالتربة التي غرست فيها. 

أماهُ، الدمعة ... التي تُخلّد للقصيدة الأولى، القصيدة التي كُتبت مع الدهشةِ الأولى واللحظة الأولى، أشدُّها بساعدي لأهب نُور الضحَى ونور شمسين أو قاب قوسينِ أو أَدْنَىٰ / أدلى فتدلّى. 

أمَّاهُ، البكاء الذي أبكيتهُ من أحبني؛ فأحببتُ من أبكاني عند الأذان الأوَّل، والفطرة الأولىٰ، واللقاء الأول، وعندما كانت جلودنا من الياسمين وطيننا من زهرٍ، وحبّنا من السماء للسماءِ. 

أنا أعترف يا أمي أنني ولدتُ مختلفة، مختلفة في هذا الكون، مختلفة بحبِّ الهوى، مختلفة أنا يا أمي . أنا امرأة أكل الدهر أحلامها وشرب ثم تمضمض؛ فمتى يحين دوري لتحقيقها ؟
أنا يا أمي أسيرُ بدربِ الغياب، بدرب اليباب، بدرب التيه؛ فمتى أصل يا أمي ؟

أماهُ، أتحسس هذا الكون برعشةِ بكاء ضرير تسلل لأعماق الفُؤاد من القاع إلى القاع؛ فمتى أدفن رعشتي بين ساريةِ العابرين / السالكين ؟ ومتى أعتق كلّ زاويةٍ تُشيح بالدهشةِ الأولىٰ ؟ 

أماهُ، إن لم أطرق باب ذكراي وذكراها لخارَ مقصدي وتتوّه مساحة الحياة جُلّ الأماني. إن لم أقصد الذكرى ذاتها لأُغاث بديمِ السؤال عن ضياءِ بصيرتي؛ كيلا أراني مرةً وكيلا أنطفئ. 


أماهُ، جميع سُنن الحياة سأخضع لها لأُلقِي عَليكِ محبةً مِنِّي ولِتُصنعِي على عيني.

٢٨/ جمادى الأول / ١٤٣٧هـ

الأحد، 6 مارس 2016

الذكرىٰ الثانية

أمّا وهذِهِ الذكرىٰ الثانية للرُّوح التي طارت، وحَّشتنا .. رعَّشتنا .. كثر ما صبَّ هذا الدهر دمعُ القصيدِ، وكثر ما ثار هذا القلب هوَىٰ الحنين. 

أمّا وهذه الذكرى تأتي على أعتاب أكتافِنا، تأتي والليلُ يطوي على أقدارِنا، تأتي على بكاءِ المحب إذا استطعنا سبيلا، إنَّها لذكرى فاجعة واللهِ لو تعلمون! تأتي هذِهِ الذكرى وأنا أقرؤها بالموسيقى الخاوية على عروشها بدربِ الغياب .. بقلبٍ يباب، بحافيةٍ مثقلة بالوداع، تأتي حيثُ خبأتُ لها مغتسلٌ باردٌ وشَـراب.

أمسكُ رخاء يدها، تركض برجلها نحوَ قلبي حتّى تشدُّ أزري، كي نسبحُ كثيرًا ونذكرهُ كثيرًا، وعلى حوافِ بيتنا نطوف ونسعى حيث سورة البقرة والحصنُ الحصين. ومن بعدها حيث سُورة يس وحزن شَجِيّ. 
وزاوية الرؤى في المنامِ لها نبرة وألف قصيدة وحِكاية رأيتُها مع الكرام البررة تارّة، ورأيتها تارةً أخرى تلعبُ وترتع. طوبى! ❤️. 
__
جمعها الله بالنبي صحبةً
شجَاني شوقها حتّى السماعَ.

٢٦/ جمادي الأوّل / ١٤٣٧هـ
٦ / مارس / ٢٠١٦ مِ
الذكرى الثانية

الأحد، 10 يناير 2016

ربُّ المتعَبين.

صافح الكونَ بلطفِ رَبِّك، مُد قلبكَ لصدرِ أمكَ، اصغِ حواسكَ لأبيك، حبّ نفسك كما تحبّ القصيدة، عِش شعور تفاصيلك، تحرّر من عاداتِ يومك.

عن وجعكَ الذي يصاحبك بكلّ ليلة، عن دمعكَ الذي تخبئه، وعن لُطفك عند مسحِ دمعكَ، وأنينك .. وحشرجة بكاءك ..
وخلوتك بينَ فخذيك عِنْدَ البُكاء ..

تَجاهله بصمتٍ ..

وردّد بصدى فُؤادك :
يا ربُّ: إنّني عبدك ابن عبدك، ابن ٲمتك ناصيتي بيدكَ، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ في قضاؤك.

يعلمُ ربك سركَ ونجواك، ويعلم ما تخفيهِ وما تبديه، ويعلم ما تبدي خائنة الأعين بَلْ إنه علّامُ الغيوب.

فلا تُؤرق مسافتك لمسافةِ رَبِّك بالبعدِ، لا تكفّ نجواك، قرّب الكون بينها، لمحرابِ لقاءكَ وطيب دُعاءك، قربها بسرِّ قدمك، بخطواتِ سيرك إليها، بخطوٍ يسير وقلب دفين.

تشبّع بقـوّة الإيمان وقوة الصبر حدّ الرِّضـا واليقين.❤️
روحك املئها بحبّ ربك قبل كلّ الحُب.

الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

قَاوم.

ازدحامٌ بينَ عثراتنا، بينَ المصاعبِ التي تقف على عواتقنا، بينَ التعب والأماني المعلّقة .

رُبمـا غلبنا خاطرٌ لنكتب، لنحزن، لنخفض صوت محاولاتنا، لكنَّ الخير الذي قضاهُ الحكيم في وجوهنا متقوقعًا في حُزنٍ طويل يضيّق خناقنا علينَا!
وفي المقابلِ نحن نسمع أنفسنا حتّى أفئِدتنا الممتدّة، ولأعماقنا اللانهائية، 
ونقول:
لم يحنّ الوقت لنبصر ثمراتنا، فالوقت فقط يحنّ لنا لنمارس ما نَحْنُ عليه. 
فالخير يحشد كلّ شيء ويبدأ من أعيننا وأضلاعنا!

الهاجس الذي يمرّ برفةِ عين، يبصر سَيْل القطرات التي بين كفي، ودبيب النبض في عمقي، وفي التيهِ الذي يتردّد في صدري كلّما حدثتُ الله عن أمنياتي!

تعصرنا الحياة كما لم تعصرنا من قبل، كلّما طفقَ أحدهم في محاولة قتل أمنياتنا/ أحلامُنا. 
فأتحرّر من الطريقِ الذين يركدونَ عليه أولًا ثم أقرّر ما أفعله وما سأفعلهُ يومًا ما ..

وأقولُ للمرةِ الثانية:
السبيلُ إلى القاعِ لا أرى لهُ بداية، والسبيلُ إلى العُلا أرجوهُ أن لا يكون الخطو ثقيلا.