أيَّام تقف بيننا وبينَه، وَنَحْنُ نركض إليه لاهثين بعدَ أن عبرنَا بين مستنقعات التهاون، عبورًا لا يُطاق، عبورًا شاقًا يعصرنا ونعصره، وبعدَ أن عبرنَا محراب العهد مع الله، فها نحنُ الآن جئنا نركض لمغتسلٍ باردٍ وَشَرَاب، جئنا لنخضع ولِنُلقيَ عليكَ محبًة منا ولِتُصنَعَ على أعيُنِنا.
بيننا وبينه يومًا أو يومين، وتتناقص الساعات تنازليًا، والنبضات تتسارع، ومسؤولية المِحْراب تكبر، فكيف نستقبله؟ بأي روح؟ وبأي قلوب نصافحه؟ وكيف نعدّ له وهو أعدَّ لنا من بعد أحد عَشَرَ شهرًا، ومن بعد ما لقيت اللوم على نفسك بعد رمضان الماضي: "لئن أدركت رمضان القادم ليرين الله ما أصنع!" وها رمضان قد أقبل فماذا أنت بصانع له؟
رمضان شهر القرآن، لا شهر الإعلام!
نعم رمضان هو ثغرة النُّور. إذا كان اعلامنا لا يحترم شهر القرآن، فهل نحن نحترمه؟
يقول الدكتور مصطفى محمود:
"أتمنى أن نحترم شهر القرآن.. ونعرف ماذا نشاهد، ومن تركَ شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه.
(من يُعَظِّم شَعَائِر الله فإنّها من تَقْوَى القُلُوب)
نحن على قناعة أن إعلامنا نزع مفردة الاحترام من قاموسه.. فهل سنتحلّى نحن باحترام شهر رمضان؟".
فما آن لك أن تجعل أفئدتك رقيقة كأفئدة التائبين؟ أما آن أن تزهر ضلعك بالنُّور، وأن تقيم بناء الحُب بينكَ وبينه؟ أما آن أن تخشع لنفسك وتنظر إليك لا سواكَ؛ فتحاسب قلبك؟
بلى والله!
آن عليّ، وآن أن أغدو ليخرج شطأي فيستغلظ فيستوي على سوقه.
تجاهل كم قطعت من عُمرك ونسيت رمضان، لا يهم كيف كنت بل كيف تحيّ عُمرك والعهد؛ ليفيض محرابك.
تحسّس كلّ ما حولك، وكل النّور الذي يحيط بينك، ليكن بداية الطريق الذي تقطعه بروحك، البداية التي تعاهد منها البركات والتي لا تفتر ما دامت عزماتك قويّة.
لا يأخذكَ الحماس من أول ليلة، ولا تركد فتخمد همتك، بل أشعل النّور الذي غرسته بداخلك؛ لتواصل فيقوى غصن السعد لآخرِ ليلة في رمضان ❤️.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق